هذه من خواطر فرح ارحيم _ أسأل الله لها الرحمة والمراتب العلا في الجنة_:
كلمات مسّها المطر
نامت أعين الخليقة إلا حارس في السماء
أخذ يغازل الأرض بأشعة بيضاء
وفي سكون الليل تلألأت حبّات المطر
تطرق الأبواب تعانق الشجر
تحتضن التراب وتبادله الصور
يتسارع صوتها شيئاً فشيئاً في سيل السكون
تسحبني من سريري إلى الشبّاك
تلفح النسمات وجهي تغمر القطرات قلبي
توقظ فيّ الحياة
تعشعش الماضي وتجذب المستقبل
تأخذني بعيداً بين الغيوم مع أحلام النائمين
بين هموم الحائرين مع آمال الساهرين
تتغلغل بين أنفاسي تنتشر في دمي
تعشعش بين ضلوعي وتحرقني بالحنين
تبحر بي في بحار المجهول ويجرف أشرعتي
مع موجاته الهائمة في شواطئ الدنيا
تتشعشع عيناي بالأمل وتروي العبرات
حكاية قلب جرحه القدر
وجسدٌ أفناه السفر
حكاية روح تتوق إلى الفناء ومعاناة اختارت البقاء
تدفئ خدودا لطالما صعقتها عواطف الحياة
تنهمر وتنهمر مع سمفونية الخليقة
مع أشجان الليل مع ضوء النجوم
تتعانقان تتحدثان كأختين كصديقتين
كأي حبيبين ويغار القمر
يشدّ عيناي إليه
وأبقى حائرة في معانيه السرمدية
في تألقه بين الغيوم في ضياءه رغم الظلام
في روعة السحر في انعكاس البدر
في دقة تعبير في عجزه عن الكلام
يعصفني الشوق ويشتد بي الحنين
يتسلل البرد إلى جسدي وتلاعب الرياح شعري
تهمس في أذني تجلو بعض حزني
أضم أطرافي أحدق بالأرض تارة وتارة في السماء
أتأمل معاني النائمين وسهاد المؤرقين
أتأمل تجاعيد العجوز وماذا فعلت به السنون
هل سيكتب لروحي أن تبقى إلى ذلك الحين
يوم يحفر الدهر نقوشه البالية
يوم يطمر الألم عيوني الحالمة
يوم تزحف الألوان من شعري
إنها لحياة طويلة يغريني الطفل بابتسامته الباردة
هل يا ترى يعرف ماذا يخفي له الزمان
أم أن الحياة قد قدرت له فيها الأمان
أم أن الحزن في الدنيا لإنسان وإنسان
وأعود إلى الفضاء أحدق في نوافذ السنين
أقلب صفحات الماضي وأحلام المساكين
ألتقط أمانٍ طارت مع الهواء
أدق قلوبا أماتها برد الشتاء
أمسح عيونا أعياها ندب الشفاء
أتبع الأصوات ألبي كل نداء
أبحث لكل الأرواح عن شفاء
أحاول حمل أحزانها وأن أجد لها دواء
بلا جدوى تبقى محاولاتي ولا أحصد إلا العناء
فأنفل في سريري تحت الغطاء
وأتابع سيري في بلاد الأحلام