إن نبي الله إبراهيم – عليه السلام – قد هاجر من العراق إلى الشام ، و أرسل الله ملائكته ضيوفا على إبراهيم – عليه السلام –وبشرت الملائكة سارة زوجة إبراهيم – عليه السلام – بإسحاق ، قال تعالى : {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} [هود:71] ويعقوب عليه السلام هو الذي سماه الله في القرآن إسرائيل ، فبنو إسرائيل هم بنو يعقوب ، وعلى هذا فكل من انتهى نسبه إلى نبي الله يعقوب فهو إسرائيلي من بني إسرائيل وهذا نسب رفيع ، وشرف عظيم دمره اليهود بأيديهم ، ونسفوه بإعراضهم وضلالهم !!
نشأ يعقوب (إسرائيل) – عليه السلام – في فلسطين ، وأخبرنا القرآن عن قصة يوسف – عليه السلام – وإخوته وانتهت بقول يوسف – عليه السلام -: {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} [يوسف : 93] ، وبذلك انتقلت عائلة يوسف مع أباه إسرائيل بكاملها إلى مصر ، وأقامت بها ، ولم يبق في فلسطين أحد منهم مع الأخذ بالاعتبار أنهم كانوا في ذلك الوقت عائلة ( أسرة كبيرة ) ، وليست شعبا ، وأما سكان فلسطين الأصليون فهم الكنعانيون .
وفى مصر دعا يوسف – عليه السلام – المصريين إلى التوحيد ، وزاد عدد بني إسرائيل في مصر بمرور الزمن حتى وصل في تقدير المؤرخين إلى نصف مليون ، وقد قام الفراعنة في مصر بإذلال الإسرائيليين واستبعادهم فترة طويلة من الزمن من بعد وفاة يوسف – عليه السلام –وقد ذاقوا في هذه الفترة صنوفا من العذاب والذل والهوان ؛ فكان الفراعنة يذبحون أبناءهم !! ويستحيون نساءهم ويستبعدون الرجال ، حتى قيل : إن الفرعوني كان يركب الإسرائيلي كالحمار !! إلى أن نجاهم الله مع موسى – عليه السلام –ومع أن نجاة بني إسرائيل وإخراجهم من ذل العبودية والهوان يعد أعظم نعمة بعد الإيمان بالله ، إلا أن بني إسرائيل لم يشكروا نعمة الله .
وبعد فترة قصيرة تركهم موسى – عليه السلام - وذهب لميقات ربه يتلقى وحي الله . عند جبل الطور ، واستخلف عليهم أخاه هارون – عليه السلام – وقال له :قال تعالى:
{اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } [الأعراف:142].
فقام رجل إسرائيلي يقال له : السامري بجمع حلي النساء ، وصنع منها عجلا ذهبيا له خوار ، وقال لهم بقوله تعالى : {هَذَا إِلَهُكُـمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [طه:88] ! ودعاهم إلى عبادته فعبدوه إلا قليلا منهم ! ولما نهاهم هارون – عليه السلام – عن الشرك قالوا له : {قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه:91] !! يعنى : سنظل نعبد العجل إلى أن يعود موسى من رحلته ، فإن أقرنا عبدنا ، وإن نهانا انتهينا!!.
وعاد موسى – عليه السلام – فوجد قومه قد أشركوا فأحرق العجل وألقاه في البحر. وبعد عهد سليمان – عليه السلام –عاد اليهود إلى سيرتهم الأولى ، فقتلوا الأنبياء! وأمروا بالمنكر ! ونهوا عن المعروف ! ولم يتركوا إثما إلا اقترفوه ، ولا ذنبا إلا فعلوه ! فكتب الله عليهم الذل والهوان ، وسلط عليهم الروم يسومونهم سوء العذاب.
وكانت التوراة قد بشرت بظهور نبي جديد يخرج من جبال فاران (إشارة إلى مكة) ، وتكون يثرب عاصمة ملكه ودار هجرته ؛ فسبق اليهود إليها طمعا في أن يكون هذا النبي من بني إسرائيل ، فينقذهم من ذل النصارى الروم ، وبعث الله رسوله – صلى الله عليه وسلم - ، وعلم اليهود أنه من العرب وليس من بني إسرائيل ، فتحرك الحقد في قلوبهم وثار الحسد في نفوسهم مع أنهم : {الذينَ آتيناهُمُ الكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أبناءَهُمْ وإنَّ فريقاً منهُم ليَكْتُمُونَ الحقَّ وهم يَعلَمونَ} [البقرة:146] ! ونقض اليهود كل العهود والمواثيق ، التي أبرموها مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وتآمروا وغدروا وتحالفوا مع قريش ، وكادوا للمسلمين بالدسائس ، والمؤامرات – كشأنهم اليوم مع العرب –ولم يجيبوا داعي الله مع أنهم يعلمون على اليقين أن الإسلام هو دين الحق ، روى البخاري في " صحيحه " بسنده إلى أبى هريرة ، رضي الله عنه ، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال : " لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن لي اليهود " .
إن هؤلاء اليهود الذين رفضوا الدخول في الإيمان وجحدوا الرسالة ، وكانوا يقولون – قبل البعثة - : اللهم ابعث لنا هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا في التوراة حتى نعذب المشركين ونقتلهم !!
وقد ثبت أنهم كانوا يتوعدون المشركين من الأوس والخزرج بمجيء الرسول- صلى الله عليه وسلم - و يستنصرون به أي يطلبون النصر به على أعدائهم ، قال تعالى : {وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة : 89]
وفى هذا دلالة قاطعة ، وحجة دامغة على إن اليهود قوم بهت يعرفون الحق ، وينكرونه! فإنهم كانوا يعرفون صفات رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قبل أن يُبعث ، ولما أرسل الله إليهم من قبل ذلك رسلاً كثيرين من بني إسرائيل ، فكذبوا فريقا ، وقتلوا فريقا من الرسل ، فلما أرسل الله رسوله الخاتم من العرب كفروا به ، لأنه ليس من بني إسرائيل ؟ وهو نفس أسلوب المراوغة الذي يستعملونه في المفاوضات الوهمية مع السلطة الفلسطينية والأمثلة على ذلك كثيرة منها:
1- في عام (1948م) وكذلك (1956م) قام اليهود بقتل الأسرى من الضباط والجنود المصريين!.
2- ارتكب اليهود (42) مجزرة بشعة ضد المواطنين الفلسطينيين في الفترة من عام (1948م إلى 1956م).
3- في عام (1970م) قصفت إسرائيل مدرسة بالشرقية وقتلت (45) طفلاً ، وجرحت (36) آخرين من الأبرياء!!.
4- في عام (1982م) ارتكب اليهود مذبحةً بشعة في صبرا وشاتيلا راح ضحيتها (3296) من النساء والأطفال والشيوخ!!
5- في عام (1994م) قام مستوطن يهودي بالهجوم على المسجد الإبراهيمي وقتل (29) مسلماً وهم يصلون !!
6- في عام (1996م) قامت إسرائيل بمذبحة "عناقيد الغضب" التي قتل فيها (106) مواطناً لبنانياً من الأبرياء.
7- يقوم جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) باغتيال علماء الذرة العرب ، والقيادات الإسلامية الفلسطينية.